تقييم فيلم «نابليون»: هل هو انتصار تاريخي أم فيلم مخيب للآمال؟

«فرنسا.. الجيش.. جوزفين..»

يُقال إن هذه الكلمات هي آخر كلمات «نابليون» بونابرت، وهي ملخص رائع لشخصية نابليون التي أظهرها ريدلي سكوت في فيلم «نابليون» الجديد، حيث ركّز المخرج على إظهار جوانب فريدة من الجنرال الكورسيكي الذي صعد من خلال الرتب العسكرية ليصبح إمبراطوراً لفرنسا. وهو إنجاز مذهل بشكل خاص بالنظر إلى أن الثورة الفرنسية، التي أطاحت بالملكية وأعلنت الجمهورية، وقعت قبل 15 عاماً فقط من تتويج «نابليون».

فيلم نابليون

هل القصة ممتعة؟

يُعد فيلم «نابليون» ثاني فيلم للمخرج ريدلي سكوت يؤدي فيه الممثل خواكين فينيكس دوراً تاريخياً كبيراً، وقد أثبت اختياره نجاحاً ساحقاً في المرتين. وعلى الرغم من أن كلا الفيلمين يروي قصة جنرال محنك بالحرب يتحدّى بحزم النظام الحاكم، إلا أن «نابليون» (صدر في دور السينما في جميع أنحاء السعودية في 23 نوفمبر) ليس نسخة فرنسية من فيلم «غلاديايتر».

وهذا أمر يستحق الانتباه إليه إذا كنت من محبي فيلم «غلاديايتر» وتتوقع فيلماً مشابهاً له. فسيأتي وقتك، لكن ليس بعد.

في حين يستمد فيلم «غلاديايتر» جاذبيته من المشاهد المبهرة ومن القصص الانتقامية المثيرة وتلاعبه بمسرح «الظلال والغبار»، فإن فيلم «نابليون» يعتمد على سحر سينمائي صعب الملاحظة لكنه يأسر العقل.

منذ نشأتها، لطالما احتفلت الأساطير الرومانية بالفرد – حيث يتمتع أبطالها بتفانٍ شبه إلهي (عادةً إلى روما) وفضيلة معصومة، أما فيلم «نابليون» فيقدم لنا شخصية حقيقية بكل عيوبها، فهو قائد ناجح ومخلص لمبادئه، ولكنه أيضاً مدمر وغير مدرك للعواقب الأخلاقية لتصرفاته.

هل يستحق علامة الرضا أم الاستياء؟

هناك حقيقتين شائعتين عن «نابليون» وكلها خاطئة. أ) قال ذات مرة «ليس الليلة جوزفين» (كذبة مؤلفة بالكامل). ب) «نابليون» كان قصير القامة. لا هو ولا زمن عرض هذا الفيلم (ساعتين و 38 دقيقة) يمكن اعتبارهما قصيرين.

فيلم نابليون

مع ذلك، طول الفيلم ضروري. فهذا الفيلم من إخراج ريدلي سكوت يتعمق في مراكز حب «نابليون»؛ أي فرنسا (وطنه)، الجيش (جيشه)، وجوزفين (زوجته). حيث يتم الخوض في هذا الهوس الأخير بعمق أكبر. يصور خواكين فينيكس «بوني» كشخصية ساحرة تصبح مازحة وحنونة عندما تقع في الحب، لكنها ذات عقل مدبر عبقري في ساحة المعركة. مساره المهني ليصبح الرئيس التنفيذي لشركة فرنسا يثبت جدارة الرجل. وحبه لجوزفين (التي لعبت دورها ببراعة فانيسا كيربي)، وهي عضوة سابقة من الطبقة الأرستقراطية ما قبل الثورة، يتجاوز كل شيء تقريباً – على الرغم من أن علاقتهما مليئة بالاعتماد المتشارك لكن السام، والتي تظهر بشكل أوضح خلال معارك نابليون الدامية (التي يزداد عدد ضحاياها باستمرار).

فيلم نابليون

في فيلم «نابليون»، هناك تناسق متعمد يلمع بين صعود وسقوط السلطة على عتبات منزلين منفصلين. يبدأ الفيلم بالنهاية الدموية (كتير في صفات ما إلها داعي). وبعدها، بحث الشعب عن خليفة تسد الفراغ التي تركه الملوك، رجل من الشعب. «قيصر» – ربما بشكل ساخر إلى حد ما.

قال الفيلسوف الفرنسي فولتير ذات مرة: «التاريخ هو مجرد نمط من النعال الحريرية التي تنزل على السلالم إلى صوت الأحذية العسكرية التي تتسلق صعوداً من الأسفل». ويرينا فيلم «نابليون» هذه المقولة تطبق على دورتين شريعتين، إذ يظهر لنا ما يحدث عندما تتحول تلك الأحذية العسكرية على قمة السلالم إلى نعال ملوكية حريرية، وما يتبعها من نزول هذه النعال إلى القاع بشكل مخيف.

أخيراً يواجه مصيراً لا مفر منه

أفضل أجزاء فيلم «نابليون» لا تكمن في مشاهد المعارك المذهلة – بل تكمن في مشاهدة كيف أن الكبرياء والطموح والحب يدمران رجلاً قوياً. وهذا بالإضافة إلى أداء روبرت إيفرت الرائع في دور دوق ويلينغتون المتباهي.

تقييمنا النهائي: فيلم «نابليون» سيرة ذاتية ملحمية لا تخلو من المشاهد الممتعة.

يعرض فيلم «نابليون» الآن في دور السينما في جميع أنحاء السعودية. يمكنك الحجز لمشاهدته من هنا

يجب عليك التحقق