مطاعم العلا.. طهاةٌ مبدعون وفصلٌ جديد في عالم الطهي
جيل جديد من الطهاة يبرز ليقود التحوّل في مطاعم العُلا، حيث تمتزج جرأة النكهات بأصالة المكان وروعة الطبيعة.
يسعى هذا الجيل الجديد من الطهاة إلى تغيير مشهد الطعام في العُلا بعزيمة لا تلين، وخيال يتجاوز الحدود، وجرأة في التعامل مع المكونات والنكهات. إنهم القلب النابض والروح المُلهمة لعالم الطهو، فثمة قصة في أطباقهم، إلى جانب النكهات، حكايات تعكس جوهر مجتمعهم وعُمق هويته.
تشهد مدينة العلا تحوّلاً ملموساً في مفاهيم المطاعم، يقوده جيل جديد من الطهاة الذين يسعون إلى ترك بصمة لهم دائمة؛ فهم يستمدون إلهامهم من تاريخ العلا العريق، وزراعتها النابضة بالحياة، وجمالها الطبيعي البكر، ليبدعوا هويةً مختلفة في أطباقهم، أساسها الأرض والذاكرة والإبداع اللا محدود.
تعرفوا إلى خمسة من الطهاة المبدعين، ممن يعيدون ابتكار الأطباق في مطاعم العلا.
الشيف عبد الرحمن البشيري
يمضي الشيف التنفيذي عبدالرحمن البشيري في مسيرته المبدعة في عالم الطهي، إذ إن كل طبق في مطعم «طوفرية» يروي حكاية من ماضي العُلا الممتد عبر 200 ألف عام من تاريخ الإنسانية و7 آلاف عام من الحضارات المتعاقبة. كما تستحضر قائمة أطباقه بأكملها ملامح أرض العُلا، وأساطيرها التي صاغت قصة هذا المعبر الحضاري.
من أبرز هذه الأطباق، «كبسة العُلا» التي ابتكرها بطريقته الخاصة، مستخدماً الأرز المُتبّل بالبرتقال المحلّي والتوابل العطرة، والتي تعكس الكثبان الرملية والتلال الذهبية تحت شمس الصحراء. أما «مربى العُلا»، عبارة عن مزيج طازج من الحمضيات والنعناع البري والهيل، فيحمل نكهة أصيلة ضاربة في الجذور والأرض.
يقول البشيري: «نطمح إلى أن يكون لكل طبق حكاية، تُجسّد تراث العُلا وتحتفي بجمالها؛ فهدفنا تحويل وجبة الطعام إلى تجربة ثقافية، توفر للضيوف لحظات تربط الماضي بالحاضر».
المكان: طوفرية، 41921 العُلا
المواعيد: يومياً من الساعة 1:00 بعد الظهر حتى منتصف الليل
لمزيد من المعلومات: tofareya@
الشيف دريس دعباز
في فندق « شيدي الحِجر» وسط موقع الحِجر الأثري، المعروف أيضاً بمدائن صالح، وهو أكبر موقع نبطي تم إدراجه في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، المسجل، يقود الشيف دريس دعباز رؤيةً متفرّدة في مطبخه، تمزج بين الأصالة والفخامة. كما يستفيد من الخبرات الواسعة التي اكتسبها في المطاعم الراقية ليبدع أطباقاً تستلهم إرث العُلا.
يقول دريس: «إن تضاريس العُلا وتاريخها يشكّلان مصدر إلهام لفلسفة طهو تقوم على الأصالة وعمق الارتباط بالمكان»؛ تنعكس هذه الفلسفة في طبق «البارفيه النبطي» الذي يتكون من حبوبٌ كانت تستخدم قديماً، ويتم مزجها بالبهارات المحلية، وتُدخَّن بأخشاب من البيئة المحيطة، ثم تُقدَّم مع العسل واللبن والتمر. كما يُبدع الشيف أطباق كيك العسل الممزوج بقشر الحمضيات، وآيسكريم التمر، وسلطة حديقة الواحة مع صلصة الزعتر، لتجسد جميعها عطايا أرض العُلا الموسمية بأبهى صورة.
لكن الإبداع هنا لا يقتصر على الطعام؛ فتجربة تناول الطعام في فندق «شيدي الحِجر» تُعد تجربة غامرة؛ فالطراز المعماري مستوحى من العمارة النبطية، والخدمة متقنة، والوجبات تقدم تحت السماء المزيّنة بالنجوم. يقول دريس: «نحن نقدم تجربة تخاطب الحواس». أما هدفه البعيد المدى فهو بناء منظومة طهوٍ مستدامة ومكتفية ذاتياً، بالشراكة مع المزارعين والمنتجين في العلا، علاوة على رعاية مواهب سعودية قادرة على مواصلة العمل وفق هذه الرؤية.
المكان: مطعم «بريما كلاسي»، فندق شيدي الحجر
المواعيد: الفطور — من الأحد إلى الخميس 6:30 صباحاً حتى 10:30 صباحاً، ومن الجمعة إلى السبت 6:30 صباحاً حتى 11:00 صباحاً. الغداء — يومياً 12:30 ظهراً حتى 4:00 عصراً. العشاء — يومياً 6:00 مساءً حتى 11:00 ليلاً.
للتواصل:6574 900 053
الشيف كِنان
يقود الشيف كِنان، القادم من وادي البقاع في لبنان وبخبرات تشمل الطهو لرؤساء وعائلات ملكية، مطعم «فيلا فيروز». وفي العلا، لا يقدم الشيف كنان مجرد أطباق عادية، بل يسعى إلى نقل فلسفة كاملة تمزج بين المذاق والهوية، حيث يقول: «تجسد العُلا معاني الأصالة، وكذلك تجسدها أطباقنا».
وتعكس قائمة أطباقه مزيجاً بين تقاليد المطبخ اللبناني وروح العلا، خاصةً طبق الخروف المحشي، المطهو لساعات طويلة والمُتبّل بتوابل محلية، إلى جانب «شاي العُلا» الغني بأعشاب الصحراء.
يؤكد الشيف كِنان أن أجواء «فيلا فيروز» لا تقل أهمية عن جودة ما يقدمه من طعام، إذ يمكن للضيوف تناول العشاء تحت نجوم السماء، على إيقاعات موسيقية شرقية حيّة، وسط أحضان الصحراء بجمالها الطبيعي.
الموقع: «فيلا فيروز»، البلدة القديمة — العُلا
المواعيد: يومياً من الساعة 5:00 مساءً حتى 12:30 بعد منتصف الليل
للتواصل: 0540 331 059
أو لمزيد من المعلومات: villafayrouz.sa@
الشيف رنا البلوي
تُعد رنا البلوي، ابنة العُلا، حيث نشأت بين جبالها وواحاتها، ويبقى الطعام وسيلتها الخاصة للاحتفاء بمدينتها التي تعيش فيها. وقد شاركت رنا البلوي ببرامج تدريبية مكثفة ومتقدمة، حيث درست فنون المعجنات في «فيراندي باريس»، إحدى أرقى مدارس الطهي في فرنسا. وهي متخصصة في صنع الحلويات التي تتسم بروح الابتكار الأنيق، والذي يستلهم إرث العلا، لتقدم إبداعات تستحضر الذكريات بالنكهة.
تقول رنا: «أريد أن أُبرز جمال العُلا وثقافتها عبر الطعام»، وقد جسّدت هذه الفلسفة في حلوى «مادلين التمر» الذي كشفت عنه للمرة الأولى في مهرجان تمور العُلا عام 2021، حيث أعادت ابتكار كعكة إسفنجية فرنسية كلاسيكية منقوعة بالتمر، بإضافات من الكراميل ورقاقات الذهب والبتلات المجففة. وقدمت رنا في مهرجان حمضيات العُلا الذي أقيم في عام 2023، حلوى «تيراميسو البرتقال»، والتي استخدمت فيه طبقات من الماسكربوني وبرتقال «أبو سُرّة» من مزارع العلا.
تحلم رنا بافتتاح مطعمها الخاص والحصول على نجمة «ميشلان» بعد إنهاء دراستها في «فيراندي باريس»، تبُجسدبرؤيتها ومستواها العالمي مستقبلاً واعداً ومؤهلاً لوضع مطاعم العُلا في مكانة عالمية.
الشيف يوسف منقارة
وُلد الشيف يوسف منقارة في السعودية، وتلقى تدريباً في مدارس طهي دولية، ليتولى اليوم إدارة «نكهات العُلا» (AlUla Flavours)، وهي خدمة إمداد مأكولات ومشروبات تُعرّف الجيل الجديد بالمطبخ السعودي. يمزج الشيف يوسف في أسلوبه بين أسلوب الأكاديمية الصارم وتفرّد شخصيته، مستنداً إلى دراسته في مدرسة لوزان الفندقية بسويسرا وفيراندي في فرنسا، فضلاً عن ذكريات الطفولة التي تشكّلت في مطبخ العائلة.
يقول يوسف: «واحة العُلا وثقافتها وتاريخها حاضرة في كل طبق أحضره». ويجمع طبقه «خفيش الضبا» بين التراث والابتكار. أما طبق اللحم على الصاج، فهو عبارة عن وليمة متكاملة من لحم الضأن يُطهى ببطء لساعات في منقوع من التمر الممزوج بالأعشاب، ثم يقدّم على خبز الصاج. ويجسد هذا الطبق روح المطبخ السعودي، مستخدماً منتجات مزارع العلا، وتوابلها المحلية التي تمنحه نكهة فريدة مرتبطة بالمكان.
الأمر الذي يركز عليه الشيف يوسف، يتجاوز حدود الطهي إلى التجربة المتكاملة، بدءاً من الأواني المصنوعة محلياً وأجواء الموسيقى ووصولاً إلى أدق التفاصيل التي يوليها عناية فائقة، إلى حدٍ يُضاهي اهتمامه بأطباقه، ويقول: «نريد للناس أن يعيشوا العُلا بكل حواسهم». ويؤكد الشيف يوسف أن مطبخ العُلا يحمل آفاقاً عالمية واعدة، ليس عبر محاكاة الصيحات العالمية، بل عبر ترسيخ تميزه والاعتزاز بخصوصيته.