العمل الحر في السعودية ومجالاته
جميعنا يعلم أنَّ العمل عصب الحياة، ولا يمكن لأي إنسان أن يعيش حياة كريمة من دون أن يمتلك عملًا، يوفر من خلاله قوته وقوت أبنائه، ويوفر له متطلبات الحياة الأساسية، والثانوية إن أمكن، ولكن في هذا المقال، لن نتحدث عن العمل التقليدي الذي اعتاده الناس، سنتطرق للحديث عن شكل من أشكال العمل الذي لا تحكمه قيود أو عقود ثابتة طويلة الأمد، سيكون حديثنا هنا عن العمل الحر ، سنقدم لك عزيزي القارئ ما تحتاج معرفته عنه ، لربما اخترته ليصبح بديلًا عن عملك الحالي، أو لربما اتخذته وسيلة إضافية لكسب الرزق، من يدري ؟!
ما هو العمل الحر ؟
نظرًا البطالة التي تفشت في كل مكان، ونظرًاللرغبة الدائمة في تحقيق دخل إضافي، أصبح العمل الحر حلًا مطروحًا على الطاولة طوال الوقت، ففي حال امتلكت مجموعة من المهارات والقدرات التي تؤهلك أن تقوم بعمل ما بإتقان، فإن كل ما عليك فعله هو التسويق الجيد لنفسك ومهاراتك ، لتصبح هذه المهارة مصدر ماليًا لك.
العمل الحر، بالإنجليزية (freelancing) لاقا في الأونة الأخيرة انتشارًا كبيرًا في الوطن العربي، خاصة بعد ما أحدثته جائحة كورونا في العالم، فقد أدرك الكثيرين أنه بالإمكان توظيف المهارات والقدرات، لكسب المال من دون الحاجة إلى الانتساب إلى مكان عمل ، أو الالتزام بدوام ثابت طوال اليوم.
على الرغم من أن مفهوم العمل الحر في الوقت الحالي، بات مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالانترنت والاتصالات، إلا أنه لا ينحصر في هذا المجال طبعًا، فصحيح أن أشهر مجالات العمل الحر، تتمثل في مجالات البرمجة، أو التسويق أو الكتابة وإنتاج المحتوى، إلا أنه لا يمكننا أن نغفل عن العمل الحر المنزلي في بعض المشاريع الصغيرة، كما تفعل بعض السيدات، فهناك صناعة العطور والتطريز، والخياطة وصناعة الشمع، والكثير من الأمور التي تندرج تحت بند الأعمال الحرة.
وثيقة العمل الحر في المملكة العربية السعودية
أصدرت المملكة وثيقة العمل الحر ، وهي وثيقة معتمدة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، حيث تُمنح للراغبين في العمل الحر، وفق النشاطات التي أقرتها الوزارة عبر البوابة الإلكترونية للعمل الحر.
تعطي وثيقة العمل الحر لحاملها عدد من المميزات، من دون أي رسوم أو متطلبات، سواء من أجل الاستفادة من المزايا المتاحة، أو حتى من أجل استخراج الوثيقة، كما تتيح الوزارة للمستقبل إصدار خمسة وثائق للعمل الحر، أي أنه بإمكانه العمل في خمسة مجال مختلفة.
يمكن لأي شخص إصدار وثيقة العمل الحر، ولا يحتاج هذا منه التفرغ، حيث يمكن للموظف أو العامل في أي مجال أن يصدر الوثيقة، بهدف زيادة دخله، وتستمر صلاحيتها مدة عام من تاريخ إصدارها.
مجالات العمل الحر
تختلف وتتنوع مجالات العمل الحر التي يمكن الالتحاق بها وممارستها، كل ما عليك فعله، هو أن تضع يدك على موهبتك الحقيقية، أو المهارة التي تستطيع القيام بها بشكل احترافي.
من مجالات العمل الحر التي يمكنك ممارستها نذكر:
العمل الحر في مجال البرمجة
تعد البرمجة من أهم المجالات في سوق العمل الحر وأكثرها ربحًا، نظرًا للطلب المتزايد على المبرمجين المستقلين، فمعظم الشركات تفضل الاتفاق مع مبرمج مستقل لشهر أو شهرين، على أن تقوم بتعيين موظف بعقد ثابت، ربما لا يحقق لها ما تبحث عنه من جودة ، ويكلفها الكثير من المال مقابل هذا.
لغات البرمجة كثيرة ومتنوعة، وكل ما عليك فعله هو اختيار لغة البرمجة التي تفضلها، وتشعر بأنك تكون قادر على الإبداع بها، وتبدأ بتطوير مهاراتك البرمجية فيها، من خلال الالتحاق بالكورسات، والتي تقدم على مواقع البرمجة المختلفة، أو من خلال اليوتيوب، أو من خلال الالتحاق بمركز وجاهي.
بعد أن تتقن البرمجة، يمكنك أن تقدم عروضك لأصحاب المشاريع الباحثين عن مبرمجين، ومن هنا ستبدأ رحلتك في مجال العمل الحر.
من اللغات الأكثر طلبًا وشهرة جافا سكريبت ولغة HTML و CSS، لغة الاستعلامات SQL، و لغات البرمجة متعددة الأغراض بايثون، و جافا.
تطوير تطبيقات الهواتف الذكية
أصبحت الهواتف الذكية من أهم الأجهزة في القرن الواحد والعشرين، حيث باتت في متناول الجميع، صغارًا وكبارًا، الأمر الذي دفع الشركات والمحال التجارية، وحتى المؤسسات الحكومية والخاصة تطوير تطبيقات خاصة بها، لتسهيل تقديم الخدمات لعملائها، الأمر الذي جعل الطلب متزايد على كل من يتقن تطوير تطبيقات الهواتف الذكية، سواء كانت أجهزة أندرويد، أو أجهزة IOS.
تطوير تطبيقات الهواتف الذكية يعد عملًا أكثر صعوبة من برمجة المواقع، فالأمر يحتاج إلى امتلاك العديد من المهارات المتداخلة، ولكن في حال أتقنته، سيكون مصدر جيد جدًا للدخل.
ظهر في الآونة الأخيرة ما يسمى بالتطبيقات الهجينة، والتي توفر الكثير من الوقت والجهد على المطورين، ومن أكثر منصات تطوير التطبيقات الهجينة شيوعًا برامج الأيونات مفتوحة المصدر أيونيك (ionic).
كتابة المحتوى والترجمة
يميل هذا المجال إلى أن يكون إبداعيًا أكثر من كونه عمليًا، ففي حال كان الشخص موهوبًا في الكتابة، يمكنه أن يستغل هذه الموهبة لتكون مصدرًا للدخل.
تتنوع أشكال كتابة المحتوى، فهناك كتابة المقالات والمدونات، وهناك كتابة الأبحاث، وهناك أيضًا كتابة النصوص والسكريبتات للبرامج، وهناك كتابة حلقات اليوتيوب,
يندمج تحت مجال كتابة المحتوى أيضًا، إدارة مواقع التواصل الاجتماعي، وكتابة المنشورات، والتي غالبًا ما تكون تسويقية، كما توجد مجالات أكثر اختصاصًا في مجال الكتابة، منها كتابة وتحرير الأخبار، ولكن غالبًا ما تحتاج لأن تكون متمرس في مهنة الصحافة.
يوجد أيضًا مجال الترجمة، وكثير من الأحيان ما يكون ملحق بكتابة المحتوى، ولكن هذا ليس شرطًا أساسيًا، إذ يمكن أن تختار ما تتقنه من المهارتين.
في حال كنت تتقن لغة أخرى إلى جانب لغتك العربية، فأنت هنا تمتلك كنزًا كبيرًا، إذ يمكنك أن تعمل في ترجمة النصوص من العربية إلى اللغة الأخرى، أو بالعكسن، وكلما كانت اللغة التي تتقنها أصعب، كانت فرصك أكثر، وكان الدخل الذي ستحققه أعلى.
العمل في مجال الاستشارات والتدريب
هذا من المجالات التي أصبحت رائجة جدًا في الآونة الأخيرة، حيث أصبح بإمكان المدرب عقد الدورات، والترويج لها عبر صفحات الإنترنت، وهذا مربح أكثر من عقدها على أرض الواقع، فأنت هنا تقوم بإنتاج الدورة لمرة واحدة فقط، وتعمل على بيعها آلاف المرات، من دون الحاجة إلى حجز مكان، أو تجهيز معدات عرض، أو تقديم الوجبات خلال الاستراحات، وما إلى ذلك، مما تحتاجه الدورات الوجاهية.
إلى جانب هذا هناك مجال تقديم الاستشارات عبر الانترنت، حيث يقوم الكثيرين بتقديم الاستشارات القانونية أو الاقتصادية من خلال جلسات خاصة بعدد ساعات معين، مقابل مبلغ معين، والجيد في هذا الأمر ، أنه في حال كنت محترفًا ومميزًا في مجالك، سيذيع صيتك بسرعة، وسيكون لديك المئات وربما الآلاف من العملاء، وهذا بالتأكيد سيدر عليك أرباح طائلة، لم تكن لتجنيها لو بقيت محصورًا في الشكل التقليدي للعمل.
تجد العديد من مجالات العمل الحر ، وما تطرقنا له ليس إلا جزء من كل ، ولكن اخترنا أن تتطرق لأهمها وأوسعها انتشارًا، وأنت بإمكانك عزيزي القارئ أن تختار ما يناسبك لتبدأ طريقك في رحلة العمل الحر.
